الموضوع: شكوى مقدمة إلى المحكمة الدستورية؛ للمطالبة بمعالجة الخلل الدستوري في قانون الانتخابات؛ ولإعادة حق "المواطن العراقي" في العدل والمساواة في تعاطي القانون مع مكونات الشعب العراقي.

 

السيد رئيس المحكمة الاتحادية، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي مدحت المحمود المحترم

تحية طيبة

وبعد

اطلعتم على ما جرى من مناقشات وحوارات مطولة بشأن إقرار قانون جديد للانتخابات العراقية، يكفل التقدم بالعملية الانتخابية إلى أمام ويستجيب للمطالب الشعبية التي برزت في ضوء التجاريب السابقة بما يعدِّل الثغرات التي جيّرت أصوات ملايين الناخبين ووضعتها حصرا في مصلحة أحزاب بعينها وهو ما ولّد إحباطا بيِّنا في الوسط الشعبي العام الذي عبر عن رفضه (تلك الصيغة) في مظاهرات شعبية وفي مطالبات قانونية تبحث عن تحقيق العدل والإنصاف والمساواة وعن دستورية القوانين المُقرَّة في الهيأة التشريعية.

ومع مساهمة القوى الوطنية والديموقراطية الممثلة لهذا الصوت الشعبي في الجدل الدائر لتنضيج القانون وتشريعه إلا أنها جوبهت بتمرير صيغة سلبية أخرى بالمادتين الأولى والثالثة من القانون الانتخابي الجديد فضلا عن تمرير السنوات الأربع المنصرمة من دون البحث في الأمور الجوهرية التي نصّ عليها الدستور وتعدّ أمرا واجب التنفيذ بخصوص إصدار قانون استكمال الهيأة التشريعية وتعديلات القوانين الملحقة كقانون الأحزاب بما يراعي الدستور نصا وروحا.

إنَّنا في البرلمان الثقافي العراقي في المهجر ومعنا عدد من المنظمات العراقية التي وقعت هذه الشكوى؛ ومن منطلق الواجب الوطني المؤمّل نتقدم إليكم في المحكمة الدستورية كيما تتفضلوا بالفصل في حقنا باسم الملايين من عراقيي المهجر في طلب تعديل المادتين الأولى والثالثة بما يكفل حق مواطني العراق بالمساواة التي كفلها الدستور الأمر الذي يفرض التزام القوانين الصادرة بنصوص الدستور وروحه.. وفي ضوء ذلك ندعو محكمتكم الموقرة بردّ القانون المشار إليه في المادة المخصوصة لعدم دستوريته، ولأنّ إجراء الانتخابات في ظل قانون غير دستوري يأتي بنتائج لا تقف عند التعارض والدستور العراقي حسب بل يأتي بنتائج مخلة بتمثيل العراقيين ويحيق بملايين منهم بالظلم وبالاعتداء على حقوقهم الثابتة ويهدد السلم الأهلي ومستقبل النظام الدستوري الديموقراطي الفديرالي في العراق..

ونحن هنا نحيلكم إلى أنَّ القانون الذي جرى تمريره في البرلمان العراقي قد تمَّ بخلاف الحوارات وأشكال النصح والمشورة القانونية سواء من عدد من السادة أعضاء المجلس أم من محكمتكم الموقرة في إجابة استشارية سابقة أم من ممثلي منظمات المجتمع المدني وأحزاب سياسية ومن مسؤولين مكلفين بحماية الدستور ومصالح الجمهور. وجميع هذه الآراء اتفقت على تعارض المادتين الأولى والثالثة من القانون مع مبدأ مساواة العراقيين كافة  أمام القانون ونص المادة يتعارض ومواد الدستور بالإشارة إلى المواد 14 و46 و48 و 49 و 65 منه..

لقد طاول القانون مكونات شعبية تطلعت للمساواة والإنصاف بعد سنوات التهجير القسري والنفي والإبعاد، فخصم من نسبتهم الحقيقية أكثر من ثلثي المقاعد التي يستحقونها، كما فرض نظاما انتخابيا مختلفا وحرمهم من حق اختيار الشخصيات التي يرونها ممثلة لهم باستخدام القائمة المغلقة في التصويت بخلاف قرار استخدام القائمة المفتوحة وطنيا (في الداخل)..

وفضلا عن ذلك فقد فرض قسرا إحصاءات مشكوكا فيها وغير متفق على تفاصيل استخدامها بما أفضى لاعتماد معايير وأسس تقدير التغيرات السكانية بطريقة متباينة مختلفة بما أخلّ في تحديد مقاعد المحافظات بطريقة عادلة ممتلكة للصدقية والدقة.. بالإشارة هنا إلى مضاعفة المقاعد لمحافظة نينوى على سبيل المثال والتراجع (النسبي) لمحافظات إقليم كوردستان.  

وبالإشارة هنا إلى حقوق المكونات العراقية المسماة تهميشا واعتداء قانونيا وإنسانيا بـِـ (الأقليات) يعزز قانون الانتخابات الجديد موقفه في توكيد التهميش متغافلا عن نصوص الدستور الذي أكد (أصلا) واجب استكمال الهيأة التشريعية التي تدعو إلى تكوين البرلمان من مجلس نواب ومجلس اتحادي . فحسب الباب الثالث من الدستور العراقي وفي الفصل الأول تحديدا من هذا الباب، تنص المادة (48) على أنّه "تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد. ويُشار في أولاً  إلى  مجلس النواب  فتذكر المادة (49)
على أنه يتكون "من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، ...". وهذا ما  نقضته المادة أولا من القانون ما يجعل القانون غير دستوري وواجب التعديل لتوفير دستورية القانون والتزامه بسمو الدستور وبنصوصه وقواعده الثابتة.

وبشأن تمثيل المكونات العراقية بعيدا عن التهميش والمحددات في [مقاعد الكوتا] ، تنص المادة (65) على ما يأتي:

"يتم إنشاء مجلسٍ تشريعي يُدعى بـ (مجلس الاتحاد ) يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه، واختصاصاته، وكل ما يتعلق به، بقانونٍ يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب."

إنَّ هذا تحديدا هو الغطاء الدستوري القانوني لتمثيل المكونات من المجموعات القومية والدينية بجميع المناطق والأقاليم والمحافظات العراقية تمثيلا عادلا بما يخرجها من الكوتا المحدودة والتهميشية، ولأن مجلس النواب قد تأخر عن سن القانون الذي يتيح استكمال الهيأة التشريعية ويضمن حقوق المكونات فإن الواجب عليه إتاحة توفير حجم تمثيل نسبي يماثل الحجم النوعي الحقيقي لهذه المكونات، وهو ما لم يحصل بحجم المقاعد الثمانية التي تمّ تعيينها وهو ما لم يحصل أيضا بسبب تشكيل الأحزاب والتحالفات الكبرى على أساس عرقي و\أو طائفي ما استبعد المكونات العراقية الأخرى عبر المنافذ الطبيعية وطنيا، وأقصاها فعليا عن التمثيل في مجلس النواب فضلا عن عدم وجود مجلس الاتحاد ما يحرمها من التمثيل الصائب بالمخالفة مع نصوص الدستور بالخصوص، سواء بشأن المساواة أم بشأن التآخي والعدل وتعزيز التفاعل بين المكونات وطنيا.. فضلا عن التعارض مع الطبيعة الفديرالية التعددية التي أقرها الدستور وعن استئثار جهة واحتكارها السلطات بخلاف مبدأ الديموقراطية التي ثبتها الدستور العراقي الدائم.

وإذا ما نظرنا إلى الظروف العامة التي قضت بنظام الكوتا للنساء العراقيات اللواتي يمثلن أكثر من نصف المجتمع على وفق الإحصاءات الرسمية، فإنَّ هذا النظام (الكوتا) يستلب حقوق المكونات العراقية بخلاف نصوص الدستور وروحه وبخلاف الإحصاءات الرسمية المعنية..

وبناء على ما تقدم، نؤكد مجددا عدم دستورية القانون الصادر عن مجلس النواب وواجب  ردِّه للتعديل في البنود والمواد المشار إليها، بقرار من محكمتكم الموقرة على أساس الصلاحيات الدستورية المتوافرة بمهام محكمتكم؛ من جهة للتوجيه بالتعديل الملزِم  بما يتضمن إعادة حقوق عراقيي المهجر ومن جهة أخرى بما يتضمن تعديل نسب  تمثيل المكونات العراقية بطريقة منصفة مع التوصية بسقف زمني لتشريع قانون مجلس الاتحاد لا يتجاوز منتصف الدورة التشريعية التالية للخلل الدستوري القانوني الصريح في استمرار عمل مجلس النواب منفردا في تمثيل الهيأة التشريعية المنصوص عليها في المادة 65.

وسيبقى إجراء الانتخابات  بنصف الهيأة التشريعية وتمرير القوانين مناقضا لحقوق الشعب العراقي  في تمثيله الكامل وغير المنقوص في هيأة تشريعية تعبر عن مكوناته وتركيبته المدنية المعاصرة التي لا تعبر عنها تشكيلات ما قبل الدولة الحديثة من تلك التي تعتمد التشظية والتشطير والتقسيم بخلاف روح الدستور في وحدة العراق الفديرالي الديموقراطي وشعبه وصدقية ظهور تمثيل مكوناته كافة في جميع السلطات الاتحادية...

 

 إنَّ إجراء الانتخابات بظل هكذا قانون وبأقلية ضئيلة من الناخبين لن يبقى بحدود الإجراء الشكلي السلبي، ولكنه سيفضي إلى تداعيات أخطر من عزوف الناخب عن التصويت وتشكيل مجلس نواب بتمثيل مختلف عليه وإنما أيضا تبقى الهيأة التشريعية ذاتها منقوصة التركيب بالمخالفة والمواد الدستورية المشار إليها في مذكرتنا التفصيلية هذه.

ومن هنا فإنّنا ندعو سيادتكم وأعضاء المحكمة الاتحادية الموقرين لرد القانون مع التوصية بالتعديلات الدستورية الواجبة وصياغته بما يكفل الانسجام مع الدستور والصدقية والإتيان بتمثيل حقيقي سليم للتعددية والتنوع وما ينسجم وتركيبة المجتمع العراقي المدنية المعاصرة وما يعزز من مسيرة عراق ديموقراطي تعددي فديرالي..

 آملين أن يجري هذا مع احترام لتوقيت إجراء الانتخابات في موعدها المقرر بالاعتماد على حسم القرار في محكمتكم وتوجيه المفوضية المعنية بالانتخابات لاستكمال الإجراءات التفصيلية وبما يمنع التذرع (السياسي) غير القانوني وغير الدستوري  باحتمال الفراغ الدستوري إذا ما جرى تعديل القانون وهو التذرع الذي يريد فرض تمرير ما هو غير دستوري لأربع سنوات أخرى فيما يحذر من فراغ دستوري غير وارد إذا ما صدر قرار المحكمة الدستورية الاتحادية بالطرق القانونية والآليات المعروفة لديكم والمنصوص عليها دستوريا..


إننا نثق بأنكم ستتحملوا مسؤولياتكم التاريخية للوقوف مع قوى الشعب ومطالبها القانونية المستندة لمواد الدستور ولقوانين الديموقراطية ومبادئها المقرة في الشرعة الدولية وفي دستور العراق الفديرالي الدائم تحديدا... واثقين من أنكم تبقون جزءا حيا فاعلا بوصفكم السلطة الدستورية التي  ستعالج الموقف بالحكمة والسداد وبالروح القانوني الدستوري وبما يوجه الحلول لخدمة مصالح الشعب والوطن...

تقبلوا فائق التقدير والاحترام

 

 

أ.د. كاظم حبيب                                                                                                                                                                                                      أ.د. تيسير الآلوسي

أمين عام منظمة الدفاع عن المجموعات القومية والدينية القديمة في العراق                                                                                                                                                            رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر

 رئيس لجنة الأكاديميين العراقيين في المهجر

 

 

 

وقد وقع المذكرة ايضا:

السيد عبالرزاق الحكيم

السيد ماجد فيادي

السيد حميد البصري

وعدد من الشخصيات الأخرى والمنظمات والجمعيات العراقية المهجرية الآتية:

 

البرلمان الثقافي العراقي في المهجر
رابطة الكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا
لجنة الأكاديميين العراقيين في المهجر
منظمة الدفاع عن المجموعات القومية والدينية القديمة في العراق
التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية

جمعية البيت العراقي في لاهاي هولندا

مؤسسة البصري للفنون والتراث

جامعة ابن رشد في هولندا